أسرار اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة - الجزء الثاني
الصهيونية وروزفلت : لقد كان روزفلت في بداية عهده بالرئاسة يرى أن فلسطين من اختصاص بريطانيا ولا علاقة لأمريكا بها وعندما اندلعت الحرب العالمية الثانية ازداد تأكيده على أن فلسطين ومنطقة الشرق الأوسط بكاملها هي من اختصاص بريطانيا وهذا هو السبب الذي جعل الزعيم الصهوني ( وايزمان ) يقول في مقابلته لروزفلت في شباط /1940 / (( إن رحلتي إلى آمريكا لم تكن مرضية )) 0 وقد قامت وزارة الخارجية الآمريكية بإقناع الرئيس روزفلت بأن من المصلحة عدم التحيز للصهيونية ضد العرب 0 لحاجة الحلفاء إلى العرب في الحرب وقد بلغ في حذر الخارجية الآمريكية 0 أن سفير آمريكا في لندن قال لوايزمان وهو يهم بالسفر إلى آمريكا عام / 1942 / : (( خير لك أن تكرس وقتك للكيمياء )) وعندما وصل وايزمان إلى آمريكا 0 طلب من وزارة الخارجية أن تقيم له عشاء فأوصى وزير الخارجية كبار موظفيه بأن يجعلوا الحلفة عادية جدا (( ولا لون لها ما أمكن )) ففي أثناء خوض آمريكا الحرب العالمية الثانية كان رئيسها روزفلت مازال يدعو أن مشلكة اليهود هي مشكلة لاجئين 0 ولهذا السبب اتصل بتشرشل طالبا من السماح لـ/100000/ من اليهود بالهجرة إلى بريطانيا 0 كما ستسمح أمريكا أيضا لعدد منهم بالهجرة إليها 0 وبهذا يضربان المثل للدول الأخرى فتح أبواب فلسطين أمام الهجرة اليهودية 0 وإقامة الدولة اليهودية 0 وقد كان روزفلت يقول : أن أي إجراء لن يتم بشأن فلسطين إلا إذا لقي القبول من العرب واليهود معاً ) ولكن مع حلول سنة 1944 وهي سنة الانتخابات الرئاسية الأمريكية أقترح وزير الخارجية أن يقوم الرئيس روزفلت بإسداء النصيحة إلى كل من الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي إن يتجنبا التنافس على كسب الأصوات اليهودية وذلك لكي لا يكون لها دور في الانتخابات 0 ولكن رغبة المرشحين بالفوز أذكت نارا لمنافسة القوية حيث أصبح كل مرشح يحاول كسب أصوات اليهود فقد تبنى روزفلت مقررات مؤتمر بلتمور وذلك من خلال رسالة بعث بها إلى السناتور الأمريكي اليهودي /وجنر/ حيث وضح روزفلت برسالة يؤيد ويتبنى فكرة الوطن اليهودي في فلسطين 0 وفعلا فاز روزفلت بالانتخابات ولكن نلاحظ أن روزفلت كان يصرح دائما بأنه مع اليهود في إقامة وطن لهم في فلسطين 0 وذلك عندما يلتقي باليهود ويقول للعرب معكم ولا يمكن أن يحصل أي حل لمشكلة فلسطين دون رضاكم وهكذا مات روزفلت ولم يستطيع أن يحسم أمره ويحدد موقفه هل هو مع العرب أم مع اليهود ولكن الظاهر أنه كان مع مصلحته الخاصة 0 وهكذا توفي روزفلت دون أن يحقق أي شي تجاه العرب واليهود 0
الصهيونية ورئاسة ترومان /1945/1947/ : بعد وفاة الرئيس الأمريكي روزفلت وصل هاري ترومان إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية ، وفور وصوله إلى البيت الأبيض بدا الضغط اليهودي عليه من أجل أن يتبنى ما قد أيده الحزب الديمقراطي من الموافقة على تأسيس وطن لليهود في فلسطين – وأيضا مثلما حذرت وزارة الخارجية الأمريكية الرئيس روزفلت من التأكيد المطلق لإسرائيل خوفا من ردة فعل العرب 0 هكذا فعلت وزارة الخارجية الأمريكية عندما حذرت ترومان من اتخاذ موقف معاد للعرب والوقوف إلى جانب اليهود لأن ذلك سوف يعرض مصالح الولايات المتحدة للخطر 0 ولكن نلاحظ أن هاري ترومان لم يتقيد بتلك النصائح 0 وفور بدء حملة الانتخابات الرئاسية 0
ونتيجة الضغوط التي يلقاها من اليهود الأمريكيين لتنفيذ ما وعد به سلفه 000 تجاه توطين اليهود في فلسطين وإقامة كيان صهيوني في فلسطين 0 فالرئيس ترومان لم يستطع مقاومة تلك الضغوط 00 فقد كتب إلى أتلي رئيس الوزراء البريطاني أنذاك طالباً السماح لـ 100 مائة ألف يهودي بالهجرة إلى فلسطين لكن رد آتلي لم يكن يرضي طموح ترومان حيث رفض طلب ترومان لأنه يتناقض مع ماتعهدت به بريطانية للعرب ولكن حاجة ترومان للأصوات اليهودية واعتماد منافسه (( ديوي )) على الأصوات اليهودية وذلك من خلال إعطاء اليهود وعود كثيرة وكلها تتعلق بفلسطين وتوطين اليهود هناك !! حيث دفع ذلك الرئيس ترومان إلى إعلان الموافقة على تقسيم فلسطين بين العرب واليهود رداً على المرشح للرئاسة (( ديوي )) أثار ذلك الموقف من قبل ترومان العرب ورد ترومان على العرب المعترضين (( إن سياسة آمريكا كانت دائماً إلى جانب اليهود وإقامة دولتهم في فلسطين )) من ذلك يمكن أن نقول : إن الاستعمار وألاعيبه الذي يعطي الوعود والضمانات في العلن ويعمل في السر على نقض تلك الوعود وفق ماتتطلبه مصالحه الاقتصادية والسياسية على المدى الطويل .
ونلاحظ أن المنظمة الصهيونية العالمية والتي تأسست عام 1897 ومن مهامها الإشراف على التجمعات اليهودية الصهيونية المنتشرة في العالم 0 والمؤتمر الصهيوني العالمي هو إسمياً الهيئة العليا للمنظمة الصهيونية العالمية 0 ومندوبون يعينون تعيناً 0 وينتخب المؤتمر بدوره المجلس الصهيوني العالمي الذي تتمثل فيه جميع المنظمات والأحزاب الصهيونية الموجودة في مختلف أنحاء العالم 0 000
ويقوم المجلس بانتخاب اللجنة التنفيذية الصهيونية العالمية التي تتخذ مقراً لها مدينتي نيويورك والقدس ، وتضم هذه اللجنة 12 فرعاً وتخضع إلى صنائع الاحتكارات الأمريكية الضخمة وغالبيتهم من أصل يهودي 0 فهي تملك في إسرائيل وحدها 86 % من مساحات البلاد الزراعية ، وتساهم كذلك في شركة طيران العال الإسرائيلية 0
واهم النقاط التي يستحوذ عليها المركز الصهيوني العالمي :
1- زعماء الصهيونية ممثلي طبقة البرجوازية الكبيرة
2- نداء المنظمات الصهيونية العالمية هي تعليمات زعماء الصهيونية بحشد العطف والتأييد الناشط لإسرائيل لدى جميع شعوب العالم 0
3- الأموال هي النقطة الهامة في مهام المركز الصهيوني العالمي 0 من خلال تحصيل أكبر كمية من الأموال من يهود العالم لدعم إسرائيل 0
وقد خضع الرئيس رونالد ريغان للوبي عندما صرح قائلا : بأن المستوطنات ليست غير قانونية ) 0 ونتيجة لذلك قامت إسرائيل بناء 100 ألف بالضفة الغربية ، و 30 ألف بهضبة الجولان ، و 10 ألاف أخرى بقطاع غزة ، وعلى الرغم من الأحداث التي جرت في عقد الثمانيات من اجتياح إسرائيل للبنان عام 1982 إلى مجاز صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها 2500 فلسطيني إلى بناء المستوطنات 0 فقد استطاع اللوبي إجبار الولايات المتحدة الاميريكية على زيادة المساعدات المالية لإسرائيل 0 فقد قام ريغان بخفض المساعدات كردعلى غزو لبنان 0 إلى 525 كمنحة و260 مليون دولار سلفة0 إلا أن اللوبي أجبر ريغان على التوقيع بتاريخ 21/12/1982 0 عليها (المساعدات ) كمنحة وبزيادة قدرها 250 مليون دولار 0
واستطاع اللوبي الصهيوني عام 1984 من خلال الضغط على الكونجرس أن يصدر هذا الأخير بيانا يؤكد فيه عدم أحقية أي مسؤول بالحكومة الأمريكية أن يعترف أو يتفاوض مع ممثل من منظمة التحرير الفلسطينية 0 واستطاع اللوبي أن يوقف التساؤلات التي وجهت إليه حول انتهاك إسرائيل لحقوق الإنسان عقب الانتفاضة عام 1987 0
0 فالرئيس الأمريكي كلينتون كان يتصرف في اتخاذ القرارات الخاصة بإسرائيل أو غيرها من الدول على أساس المصلحة والولايات المتحدة تقوم باتخاذ القرارات قراراتها على أساس إنها تجلب لها الخسارة والربح فالقرارات الأمريكية غير مبنية على العواطف 0 فصانع القرار الأمريكي لا يتأثر بالكلام فقط إنما بالأفعال أيضاً (رأسمالية القرار) فأستطيع أن أعطي وصفاً لمتخذ القرار في البيت الأبيض بأنه رأسمالي فكما بهدف الرأسمالي إلى تحقيق الربح دائماً يريد صاحب القرار في البيت الأبيض تحقيق الربح السياسي الأمني الاقتصادي 0 فالرئيس كلينتون يقول هناك رابطة خاصة تجمع ما بين أمريكا وإسرائيل ورأى أن إسرائيل تشبه أمريكا في كونها رمزاً للحرية وواحة للتحرر ووطن للمقهورين والمبعدين 0 فالرئيس كلينتون يبدو أنه يفضل السلام مع الجالية اليهودية في أمريكا على السلام في الشرق الأوسط 0 ؟ ولكن على الرغم من ذلك نلاحظ أن كلينتون قد اتجه إلى الضغط على إسرائيل كأسلافه السابقين ( بوش – ريغان – إيزنهاور) طبعاً هذا الكلام قبل التوقيع على اتفاق واي ريفر ) بين عرفات ونتيناهو ، تشرين ثاني 1998 0
حيث يقول كلينتون : إن جميع الشعوب جديرة بدول خاصة بها وتقول أولبرايت أحد أركان إدارة كلينتون بصدد ذلك : إن الإدارة الأمريكية قد توافق على ما طرحه عرفات بشأن الدولة أو على الأقل لا تعارض وقد ظهر كلينتون بمظهر الغير مبالي بالموقف سواءً داخل أمريكا تجاه اللوبي اليهودي أو خارجها إسرائيل ولكن لماذا تصرف كلينتون هكذا تجاه إسرائيل ؟ ربما يعود السبب إلى بعض القرارات التي اتخذها الكونغرس الأمريكي بدون رضا كلينتون وللضغط عليه أيضا 00
فحتى رئيس مجلس النواب الأمريكي نيوت غينغريتش ( الأسبق) دان الإدارة إدارة كلينتون علناً بسبب موقفها من بعض القرارات تجاه حكومة نتنياهو وبرأيي لا تشكل تلك التصريحات سببا مقنعا لكي ينصب غينغريتش نفسه مدافعاً عن نتنياهو 000 عندما بدأت الإدارة الأمريكية تلمح ولا تصرح بأنها ستقوم من خلال خطاب يلقيه الرئيس كلينتون عبر وسائل الإعلام إلى الشعب الأمريكي والرأي العام العالمي عن السبب في فشل عملية السلام في الشرق الأوسط وفهمت حكومة نتنياهو أنها هي المعنية بذلك و بدأت سلسلة الضغوط تجاه الإدارة الديمقراطية /إدارة كلينتون/ وفعلا قام /غينغريتش / والقس فالويل وعدد كبير من أعضاء مجلس الشيوخ والنواب ببعض الأعمال ضد سياسة كلينتون طبعاً من خلال طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو منهم سراً ؟ فطوال /18/ شهراً فعل نتنياهو كل ما بوسعه لكي يضع العراقيل ويلطخ سمعة الرئيس كلينتون ، فقد أزعج الرئيس كلينتون وسخر منه وتحداه وراوغه وحاول أن يهينه ووصل إلى أن أعلن نتنياهو أنه يستطيع إحراق واشنطن الراقدة على نهر البوتوماك 0 فكان الهدف من كلام نتيناهو ؟إشعال الحرائق السياسية في واشنطن بالنسبة لكلينتون الذي يعاني أصلا من بعض الآثار السيئة لفضائحه الجنسية والتي لم تبدأ من واشنطن بل من أر كانسو عندما كان حاكما لها ففضيحة كلينتون الأخيرة مونيكا لوينسكي كان ورائها اليهود فقد تزامن تفجير الفضيحة مع تدخل الرئيس الأمريكي في قضية السلام بالشرق الأوسط والمحاولات الأمريكية – الودودة – للضغط على إسرائيل حتى تخفف من تعنتها وتصلبها وإصرارها على تعطيل محاولات السلام ؟ لم يفكر أحد أن الآنسة مونيكا لوينسكي يهودية وأن محاميها الأول جينسبرج هو الأخر يهودي وأن محاميها الآخر جاك ستاين أيضا يهودي بل وصديقتها التي سجلت لها الشرائط بسبب الفضيحة ليندا تريب هي الأخرى يهودية .
أ. عبد الرحمن مظهر
كاتب وباحث "سوري"
كاتب وباحث "سوري"